الإثنين 4 ربيع الثاني 1446 - 07 أكتوبر 2024

موت الفجأة

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد .. لا شك أنَّ موت الفجأة من أقدار الله – تعالى- التي يقضي بها في عباده ، بأن يصيب الموتُ العبدَ مفاجأة من غير إمهال ولا إخطار ، وإنما هجوما تنسل به الروح من غير معاناة سكرات الموت ومقدماته . وقد جاء في بعض الآثار والأحاديث أنَّ انتشار موت الفجأة من علامات الساعة ،وقد حسَّن هذه الآثار الحافظ السخاوي ، كما في ” المقاصد الحسنة”. وقد روى الطيالسي عن أنس – رضي الله عنه- أن النبي – صلى الله عليه وسلم- قال: مِنِ اقْتِرَابِ السَّاعَةِ أَنْ يُرَى الْهِلاَلُ قَبَلاً فيقال: لليلتين، وَأَنْ تُتَّخَذَ المَسَاجِدُ طُرُقًا، وَأَنْ يَظْهَرَ مَوْتُ الفجأة. (حسنه الألباني). * سؤال مهم : هل موت الفجأة من علامات سوء الخاتمة؟ إنَّ موت الفجأة يحتمل أن يكون خيراً ، ويحتمل أن يكون شراً ، وذلك بحسب اختلاف حال المتوفى ، وما له عند الله عز وجل :
1- فإذا كان المتوفَّى من أهل الصلاح والخير ، وله عند الله من الحسنات والأعمال الصالحة ما يُرجَى أن تكون نوراً بين يديه يوم القيامة : فجميع صور الموت بالنسبة له من الخير ، سواء موت الفجأة ، أو بعد معاناة سكرات الموت . وعنده يكون موت الفجأة رحمة وتخفيف وعفواً من رب العباد ، فلا يجد من ألم الموت وشدة سكراته ومعاناة مرضه شيئا يذكر ..
2- أما إذا كان المتوفَّى من المقصرين أو الفسقة الظلمة أو الكفرة : فموت الفجأة بالنسبة له نقمة وغضب ، إذ عوجل بالموت قبل التوبة ، ولم يمهل كي يستدرك ما مضى من تفريطه وتقصيره ، فأُخِذَ أخذةَ انتقام وغضب كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم فقال : (مَوْتُ الْفَجْأَةِ أَخْذَةُ أَسَفٍ ) رواه أبو داود. *و عن عبد الله بن مسعود وعائشة رضي الله عنهما قالا :
” أسف على الفاجر وراحة للمؤمن : يعني الفجأة ” انتهى.
(موقوف في “مصنف ابن أبي شيبة ” (3/370)، ” السنن الكبرى ” للبيهقي (3/379). * وعليه نستطيع أن نفرق بين بين موت الغفلة وموت الفجأة:: ،أن موت الفجأة إن كان صاحبه في حالة من الغفلة فهو موت غفلة. وإنما إن كان العبد صالحاً ، مستحضرًا الموت وقلبه حاضر مع الله سبحانه وتعالى فحين يموت فجأة ، لا يكون موته غفلة. *وعليه نقول أنَّ موت الفجأة من علامات سوء الخاتمة في حق العبد العاصي المقصر، وذلك لأنه لا يعطي العبد المقصرفرصة أن يتوب أو يسترجع ويوصي ويتحلل من ديونه، قال الله سبحانه في هذا المعنى: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ}. * دعاء موت الفجأة :
لم يرد عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أي دعاءٍ بخصوص موت الفجأة، ولم يثبت أيٍ منها في كتب السنة النبوية. ويجدر بالمسلم أن يدعو بما ورد وصحّ عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- من أدعيةٍ، منها: ما رواه الإمام مسلم عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: (كَانَ مِنْ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ). ** أما ما ورد من استعاذة النبي -عليه الصلاة والسلام- من موت الفجأة، فقد بيّن العلماء أنّ في إسناد ذلك الحديث ضعفٌ ، ولا يصحّ. *كيفية الاستعداد للموت : ينبغي للعبد أن يستعدّ للقاء ربه بالعديد من الطاعات والعبادات، التي ينال بها القرب من ربه ورضاه، يُذكر منها: 1- الاول : الالتزام بالفرائض: يتوجّب على كل مسلمٍ أداء ما افترضه الله عليه من الأوامر والواجبات والفرائض، وعدم التقصير بأيٍ منها؛ كالصلاة، والصيام، والزكاة، والحج. 2- الثاني: وكذلك عليه دوما تذكير النفس بالموت: قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (أكثِروا ذِكْرَ هاذمِ اللَّذاتِ الموتِ) فالإكثار من تذكّر الموت؛ يُعين العبد على الإكثار من التوبة إلى الله دائماً، وأداء العبادات والطاعات دون فتورٍ أو مللٍ. 3- الثالث: التوبة الصادقة: فعلى المسلم أن يكون دائم التوبة عن ذنوبه، والإنابة إلى ربه، ويكون ذلك بالإقلاع التام عن المعصية، وعدم العودة إليها أبداً، والندم على ارتكابها، وأداء حقّ غيره من المال وغيره؛ إن كان الحق متعلّقاً بشخصٍ ما . 4- الرابع: حُسْن الظن بالله -عزّ وجلّ-: ويكون ذلك بأن يعلم العبد أنّ الله -سبحانه- سيغفر له ذنوبه، ويتجاوز عنها، قال رسول الله فيما يرويه عن ربّه -عزّ وجلّ-: (أنا عندَ ظنِّ عبدي بي فلْيظُنَّ بي ما شاء) . وصلى الله على النبي.

المصحف الصوتي

جدول الدروس

3 م- 7 م
شرح الاصول من علم الاصول
من 5:00 ص
الي 6:00 ص
شرح بلوغ المرام
3 م- 7 م
شرح الاصول من علم الاصول
من 10:00 م
الي 11:00 م
مجالس التفسير
3 م- 7 م
شرح الاصول من علم الاصول
من 5:00 ص
الي 6:00 ص
شرح بلوغ المرام
3 م- 7 م
شرح الاصول من علم الاصول
من 10:00 م
الي 11:00 م
مجالس التفسير

حديث شريف

  • أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: المَلَائِكَةُ تُصَلِّي علَى أحَدِكُمْ ما دَامَ في مُصَلَّاهُ الذي صَلَّى فِيهِ، ما لَمْ يُحْدِثْ، تَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ له، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ. أخرجه البخاري (445)
  • مَن شَهِدَ الجَنازَةَ حتَّى يُصَلَّى عليها فَلَهُ قِيراطٌ، ومَن شَهِدَها حتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيراطانِ، قيلَ: وما القِيراطانِ؟ قالَ: مِثْلُ الجَبَلَيْنِ العَظِيمَيْنِ انْتَهَى حَديثُ أبِي الطَّاهِرِ. وزادَ الآخَرانِ، قالَ ابنُ شِهابٍ: قالَ سالِمُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ: وكانَ ابنُ عُمَرَ، يُصَلِّي عليها ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَلَمَّا بَلَغَهُ حَديثُ أبِي هُرَيْرَةَ، قالَ: لقَدْ ضَيَّعْنا قَرارِيطَ كَثِيرَةً. [وفي رواية]: عَنِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إلى قَوْلِهِ: الجَبَلَيْنِ العَظِيمَيْنِ، ولَمْ يَذْكُرا ما بَعْدَهُ [وفي رواية]: وفي حَديثِ عبدِ الأعْلَى: حتَّى يُفْرَغَ مِنْها. وفي حَديثِ عبدِ الرَّزّاقِ: حتَّى تُوضَعَ في اللَّحْدِ. [وفي رواية]:وَقالَ: ومَنِ اتَّبَعَها حتَّى تُدْفَنَ. أخرجه مسلم (945)
  • لو أنَّكم كنتُم توَكلونَ علَى اللهِ حقَّ توَكلِه لرزقتُم كما يرزقُ الطَّيرُ تغدو خماصًا وتروحُ بطانًا. صحيح الترمذي (2344)، وصحَّحه الألباني
  • من صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً صلَّى اللَّهُ عليهِ عشرَ صلواتٍ ، وحُطَّت عنهُ عَشرُ خطيئاتٍ ، ورُفِعَت لَهُ عشرُ درجاتٍ. صحيح النسائي(1296) وصحَّحه الألباني
  • إنَّ اللَّهَ قالَ: إذا ابْتَلَيْتُ عَبْدِي بحَبِيبَتَيْهِ، فَصَبَرَ؛ عَوَّضْتُهُ منهما الجَنَّةَ. يُرِيدُ عَيْنَيْهِ. أخرجه البخاري (5653)