سلسلة “الأربعون العقدية سؤال وجواب”
✒️مقتطفات من كتاب ” الأربعون العقدية”
9️⃣السؤال التاسع:
✒️في الصحيح من قول موسى-عَلَيْهِ السَّلامُ- لآدم-عَلَيْهِ السَّلامُ-: «أَنْتَ آدَمُ الَّذِي خَلَقَكَ اللهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَسْجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَهُ، وَأَسْكَنَكَ فِي جَنَّتِهِ، ثُمَّ أَهْبَطْتَ النَّاسَ بِخَطِيئَتِكَ إلَى الْأَرْضِ» ، فهل هذا اللوم الذي وقع من موسى لآدمَ –عليهما السلام- كان لوماً على أصل المعصية -التي هي الأكل من الشجرة المحرَّمة-، أم أنه لامه على ما ترتَّبَ على المعصية ،الذي هو مصيبة الخروج من الجنة ❓
📝والجواب :
🌱أنَّ الذي عليه جمهور العلماء، أنَّ اللوم من موسى لآدم -عليهما السلام- لم يكن على أصل المعصية، وإنما لامه على ما ترتب على تلك المعصية، وهو مصيبة الخروج من الجنة، ومما يؤيِّد ذلك:
🔸جملةٌ من الوجوه:🔸
1️⃣الوجه الأول:
🟢تتبُّع روايات الحديث في الصحيحينِ وغيرهما يؤكِّد ذلك:
🍃1_ قول موسى لآدمَ -عليهما السلام-: «أَنْتَ الَّذِي أَشْقَيْتَ النّاسَ، وَأَخْرَجْتَهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ…»،
🍃2_قول موسى لآدمَ -عليهما السلام-:: «أَنْتَ أَبُونا خَيَّبْتَنا، وَأَخْرَجْتَنا مِنَ الْجَنَّةِ»، ولم يقُل مثلاً: “عصيتَ ربَّك، فأخرجتَنا من الجَنّةِ…”،
📚فمن مجموع هذه الروايات ترى أن هذا اللوم الذي توجَّهَ من موسى لآدم -عليهما السلام- كان ينصبُّ على مصيبة الخروج من الجنة.
2️⃣الوجه الثاني:
📌قول آدم -عليه السلام-: «أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدَّرَهُ اللهُ عَلَيَّ؟!»،
📌ووجه الدلالة: أنَّ آدم -عليه السلام- في رده على موسى –عليه السلام- احتجَّ بقدَر الله – تبارك وتعالى -، فلو كان اللوم من موسى لآدم –عليهما السلام- على ذات المعصية لَكانَ لازمُ ذلك: أن آدم –عليه السلام– يحتجُّ بالقدر على فعله للمعصية؛ وهذا من البُطْلان بمكانٍ، فإنَّ آحادَ بَنِيهِ من المؤمنينَ لا يحتجّون بالقدر على المعصية، فكيف يَصدُر هذا من آدم -عليه السلام-، وهو النبي المكلَّم؟!!
📌قال ابن عبد البَرِّ:
🔺”أجمع العلماء على أنه غير جائز لأحدٍ أن يجعل القدَر حُجّة إذا أتى ما نهاه الله عنه، فيقول: أتلومني على أن قتلتُ وقد سَبَقَ في علم الله أنْ أَقْتُلَ؟! ( الاستذكار (8/260)).
3️⃣ الوجه الثالث:
💦إنه مما يؤكد أن آدم –عليه السلام– لم يحتج بالقدر على فعله للمعصية:
🔹أن هذا خلافُ ما ذكرَه القرآن، فإن آدم –عليه السلام- قد اعترف بعِصْيانه، فقال: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[الأعراف:23]،ولم يقل مثلاً: “ربِّ أنتَ قدَّرتَ عليَّ ذلك”.
🔹 لذا نقول: إن آدم –عليه السلام- لم يحتجَّ بالقدر على الذنب، وإنما احتج به على المصيبة، وهذا هو اعتقاد أهل السّنّة، فإنَّ القدَر إنّما يُحتجُّ به على المصائب، ولا يُحتجُّ به على الذنوب والمَعايب. (الرسالة التدْمريّة (ص/230))
4️⃣الوجه الرابع:
🔘لو كان هذا اللوم من موسى لآدم –عليهما السلام- على المعصية، فأجابَ آدمُ –مَثَلاً-: «أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيَّ…» لَكانَ لموسى الحجة على آدم -عليهما السلام-، ولَقالَ موسى: يا آدمُ، أتحْتجُّ بالقدر على المعصية؟! لكنْ لمّا انقطعَ موسى -عليه السلام- عن لومه، دلَّ ذلك أن: الحُجة كانت لآدم -عليه السلام-، وهذا الذي نصَّ عليه الحديثُ في قول النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى» ثَلَاثاً.
5️⃣ الوجه الخامس:
🟡أنَّ بابينِ عظيمينِ يمنعانِ أن يكون لوم موسى لآدم -عليهما السلام- لوماً على ذات المعصية: باب الأدب، وباب العلم …
🍂أمّا باب الأدب:
فإنّ موسى -عليه السلام- آدَبُ مِنْ أنْ يُعَيِّرَ أباه آدمَ -عليه السلام- على معصية قد تاب منها بالفِعْل، فمِثْلُ هذا لا يقع من التلميذ لشيخه؛ فكيفَ بموسى الكَلِيمِ أنْ يلوم أباه على معصيةٍ فَعَلَها، وقد تابَ منها بالفِعْلِ؟!
🍂 أمّا باب العلم:
فإنّ موسى -عليه السلام- أعلمُ بالله -عز وجل- من أن يلوم آدم -عليه السلام- على معصية قد تاب منها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
🟡 فأدبُ موسى -عليه السلام- وعلمُه يَمنعانِهِ من أن يفعل ذلك!
💫ثم يقال:
🔸ولو أنَّ موسى لَامَ آدم -عليهما السلام- على الذنْب لَأجابَهُ: إنني أذنبتُ فتُبْتُ، فتابَ اللهُ عليَّ، ولَقالَ له: وأنت يا موسى أيضاً قتلتَ نَفْساً، وألقيتَ الألواح…إلى غير ذلك، إنما احتج موسى بالمصيبة، فحَجَّهُ آدمُ بالقدَر .( الاحتجاجُ بالقدر لشيخ الإسلام ابن تيمية ( 18 – 22 ))
📚وهذا هو الراجح في هذه المسألة، والله أعلمُ.
#الصفحةالرسميةللشيخأيمنإسماعيل